بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
قال سبحانه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109].
إن المتابع لما يحدث على الساحة من آثار قيام 17 جريدة دنماركية بنشر الرسوم المسيئة للمصطفى صلى الله عليه وسلم يدرك بلا شك أن الغضبة وردة الفعل ليست بالمستوى المطلوب, بل لا أكون ظالما إن قلت أنها ميتة أصلا.
فمقارنة مع نشر الرسوم في المرة الأولى والمظاهرات والتنديدات في البلاد الإسلامية كافة, حتى أن سفارات أحرقت ودمرت ولا ندعو لحرق بلادنا وتدميرها, لكن من باب المقارنة مع ردة الفعل الحالية وحتى على مستوى المقاطعة الاقتصادية التي باتت سلاح - مع ضعفه ووهنه - للشعوب المسلمة, فأجبرت الجماهير الدول على قطع ومنع البضائع الدنماركية حتى أن بعض الدول استدعت السفراء الدنماركيين لديها وأعلنت استنكارها أما الآن فلا نرى شيئا من هذا!!!!!
بل حتى على مستوى الدعاة والمشايخ فقد أغرقوا بخطبهم الرنانة وتوعية الجماهير في المرة الأولى, فكاد ألا يبقى مسلم إلا وقاطع أما الآن فلم نرى إلا خطبة هنا أو هناك أو مقال على استحياء !!
فهل حقق الكفرة مبتغاهم !!؟
لقد فعلوها قبلا..
دنسوا المصحف في غوانتاناموا فاستنكرنا ثم لم نتحرك عند تدنيسه في العراق!
ضربوا أفغانستان فاحتججنا على فعلتهم ثم لم نحرك ساكنا بضرب العراق بل مهدنا لهم الطريق!!
أحرقوا الأقصى فأقمنا الدنيا والآن الحفريات تحته على قدم وساق دون أدنى التفاتة منا!!
حرقوا جنين وأبادوها فغضبنا ويفعلون ذلك في غزة الآن والكل يتفرج!!
اغتالوا أحمد ياسين رحمه الله خفية فاستكرنا ثم أصبحوا يعلنون لنا قوائم اغتيالات وما نحن إلا مراقبين!!
فهل استمرءنا الذل والهوان!!
وكأنهم يدربوننا على الذل والخنوع والرضوخ بنعومة وسلاسة, فهم لا يأتون إلينا فيقولوا سنحرق مصحفكم وننزع حجابكم ونهدم بيوتكم واتركوا صلاتكم ودينكم, بل يفتعلون أمرا ما هنا أو هناك ويدرسون مدى ردة الفعل ثم يعيدونه دون أدنى رد للفعل, فالله المستعان, ألهذا المدى نحن أذلاء ضعفاء.
فمن قدحوا فيه ليس أنا ولا أنت بل نبي الله الرحمة المهداة رسول رب العالمين إن لم يكن الدين ألا من نخوة ومروءة تحركنا!!؟
في حادثة الإفك للطاهرة الشريفة المطهرة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس منتعلا فخلع نعليه فسأله عثمان: لما خلعت نعليك يا رسول الله. فقال: أتاني جبريل فأخبرني بقذاة في أسفل نعلي. فأجابه: وهل من لا يرضى القذاة في نعلك أيرضى القذاة فيك؟؟ - يريد عثمان هنا رضي الله عنه الإشارة أن الله عزوجل لن يرضى لنبيه الأذى في عرضه الشريف صلى الله عليه وسلم عوضا عن أن عائشة رضي اللع عنها بريئة طاهرة مطهرة -
لا وربي لا يرضى الله في علاه القذى لنبيه فهل رضينا نحن!!؟؟
الأزمة لا أراها إلا أزمة وعي وفهم واهتمامات وتوعية ونشأة .
فاهتمامات شبابنا باتت منصبة في فرق ولعب وساقطين وساقطات ومسلسلات وأفلام وموضة وصرعات وتقليد للكفار والكافرات.
فبعد جيل حوى شابين أتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتلا أبا جهل شابين في الرابعة والخامسة عشر, فما وعي هذين وما وعي أبنائنا في هذه السن الآن.
وبعد جيل حوى أم كلثوم بنت علي وهي بنت خمس سنين يجر ثوبها خلفها على الأرض فأتت عمر فرفعه لها فقالت وهي غضبى: "لولا أنك أمير المؤمنين للطمت وجهك".
أصبحنا نرى من يبكي لخسارة فريق معين ومن تبكي بل تنتحر لوفاة مطرب أو حتى خروجه من مسابقة هابطة ماجنة خليعة.
يبكي لفريق أو مطرب ولا يبكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم, أليس ذاك سوء وعي وفهم إن لم نتداركه فسنصبح إن لم نكن أصبحنا أكثر الشعوب سلبية في العالم.
ألسنا في أزمة وعي وفهم عندما تصبح قدوة الشابات مطربة ساقطة وقدوة الشباب لاعب أو مطرب ماجن !؟
علمائنا شيوخنا دعاتنا الأفاضل الحمل عليكم ثقيل والطريق وعر شاق ونحن ننتظر منكم الكثير, فإن فترتم أنتم فما بال من يأخذكم قدوة له.
أباءنا وأمهاتنا الوعي الوعي فنخرج شبابا وفتيات همهم رفعة الإسلام يغارون عليه ويشكلون سدا منيعا في وجه التغريب والمغربين.
شبابنا الواعي المثقف الملتزم لا تترك محيطا تدخله إلا وتنشر وتوعي من في مثل سنك فلننقلهم من اهتمامات هابطة ولنجعل اهتماماتهم وهمتهم الثريا.
فلا نحقق لهم مبتغاهم ونكون بأنفسنا أداة لما يريدون ويخططون ولضمائرنا يميتون, بل لنرفع من حميتنا ونحفظ مروءتنا وما من سبيل لذلك إلا بطاعة ربنا وحفظ ديننا واتباع نبينا صلى الله عليه وسلم.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه واجعلنا هداة مهتدين وثبتنا على دينك وردنا إليه ردا جميلا.